الجمعة، 15 مارس 2013

تعزية الشيخ الددو لآل الشيخ ابراهيم انياس

تعزية الشيخ الددو لآل الشيخ ابراهيم انياس :
الحمد لله رب العالمين وأصلي على من بعث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
قد أتيناكم معزين مهنين واصلين ومحبين ومتواصلين، وليست أول مرة نزور فيها هذه المدينة المباركة، ونعد أنفسنا مع أهلها أينما كنا وأينما كانوا، فكما ذكر الشيخ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في وصفنا: "إننا يد واحدة على من سوانا"، ولإن حصلت مصيبة عظيمة لنا وللمسلمين.. فإنه حصلت نعمة أيضا كبيرة علينا وعلى المسلمين، فإن من فضل الله سبحانه وتعالى أن جعل الخلفاء خلفاء بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذلك كل مصاب من وراث النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذهب الله به يستخلف مكانه من يقوم بما كان يفعله ويؤديه كما يؤديه، ولا نقول لربنا إلا ما قال عروة بن الزبير رضي الله عنهما: "أيمنك لإن أخذت لقد أبقيت ولإن ابتليت لقد عافيت".. رحم الله شيخنا وبيض وجهه يوم تبيض وجوه وتسود وجوه، ونسأل الله أن يكرم مشائخنا الباقين وشيخنا الخليفة وأن يديم نعمتهم وأن يواصل عطاءهم وأن يطيل أعمارهم في طاعة الله وأن يشفيهم من كل داء.
عزاؤنا في كل المصائب مصيبتنا الكبرى برسول الله صلى الله عليه وسلم فقد قال الله له (إنك ميت وإنهم ميتون) وقال له: (أفإن مت فهم الخالدون) ومن عزائنا كذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الناس معادن كمعادن الذهب والفضة".
فقد جعل الله هنا في هذه المدينة المباركة معدنا من معادن الخير يتوارثه أهله لا ينفد ولا يبلى كلما نفدت طبقة كانت الطبقة التي بعدها أقوى وأنضب وما تتحمله الطبقات السابقة كي يزداد بزيادة أعداد الناس وبزيادة انتشار هذا النور المبارك..
فالشيخ إبراهيم رحمة الله عليه امتد نوره من الصين شرقا إلى أمريكا غربا وشمالا إلى نهاية أوروبا وجنوبا إلى نهاية استوراليا وجنوب افريقيا..
ولا يزال طلابه يزدادون وكذلك خلفه، وقد زرت هنا الشيخ الحاج عبد الله رحمة الله، ثم لقيت الشيخ أحمدو رحمة الله عليه، والحمد لله ها أنا ألقى المشايخ وأسر برؤيتهم، فهم خلف عن ذلك السلف المبارك.. نسأل الله أن يمد في أعمارهم وأن يمد في عمر الشيخ التجاني وأن يشفيه من كل داء، وأن يطيل عمره في طاعة الله..
وتعزيتنا للمسلمين ليس لأهل "المدينة" ولا لأهل هذا المسجد.. تعزيتنا للمسلمين جميعا، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يجمع قلوب المسلمين على الحق.
ومن المعلوم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أن هذه الأمة مثلها كمثل المطر لا يدرى أوله خير أم آخره، فإذا جاءت مصيبة فإنه يأتي بعدها تشريف كبير وفضل عظيم وقد قال أحد العلماء:
لا تكره المكروه عند حلوله = = إن المكاره لم تزل متباينه
كم نعمة لا تستقل بشكرها = = لله في طي المكاره كامنه.
وفي هذا المكان وهذا المعدن النفيس الذي شرفنا الله به نحن أهل غرب أفريقيا فهذه الطريقة الطريقة التجانية ومجددها في هذا العصر الشيخ إبراهيم رحمة الله عليه نشر الله بها هذا الدين ولها أياد بيضاء على المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها لا ينكرها ولا يتنكر لها إلا مكابر.
وفضل هذا البلد أيضا حتى في أمور الدنيا على المسلمين فضل عظيم مع أمور الدين فقد صدق في أهل هذه المدينة قول الشاعر:
وفي كل حي قد خطت بنعمة = = فحق لشأس من نداك ذنوب.
ففضلهم سابغ ونعمتهم موفورة نسأل الله أن يتمها وأن يديمها.
وإذا كان هذا في العزاء؛ فنقول أيضا في التهنئة نظير ذلك فإن لله الأمر من قبل ومن بعد، وبيده الأمر كله، وإليه يرجع الأمر كله، ولا يمكن أن يسد باب فتحه فقد قال تعالى: (ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده) وقد فتح الله هنا بابا للخير للمسلمين جميعا لأبيضهم وأسودهم وافريقيهم واوربيهم وغيرهم..
وهذا الباب فتحه الله جل جلاله على مصراعيه وسيستمر ذلك إن شاء الله تعالى.
وقد قال زياد الأعجم:
إن المهالب لن يزال لها فتى = = يمري قوادم كل حرب لاقح.
فكذلك لا يزال هذا الأمر قائم يتوارثه كل خلف عن خير سلف.. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يتم هذه النعمة ويديمها، ونحن نهنئ شيخنا ونهنئ أنفسنا بخلافته ونهنئكم جميعا ونهنئ المسلمين بخلافته..نسأل الله أن يمد في أيامه وأن يشفيه من كل داء.
كما أن الأمر الثالث الذي أتينا من أجله هو الاتصال بين المسلمين وليرى أعداء الإسلام أننا أمة محمد صلى الله عليه وسلم كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا، فهكذا يقتضي من ربنا جل جلاله فقد قال تعالى: (إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص) وهكذا يقتضي لنا حبيبنا وقائدنا ونبينا محمد صلى الله الله عليه وسلم؛ فقد قال فيما أخرج عنه الشيخان في الصحيحين من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا" وشبك بين أصابعه..
فنحن والله يسرنا ما يسركم ويسوءنا ما يسوءكم، ووالله لا نعد مصيبتكم إلا مصيبة لنا كما أننا لا نعد نعمتكم إلا نعمة علينا وعلى المسلمين.. نسأل الله أن يديم نعمته عليكم.
ولذلك فهذه الأمة تبقى صخرة قوية على مر الزمان مهما أصابها من المصائب، ومهما تكالب عليها الأعداء فهي أمة محمد صلى الله عليه وسلم خير الأمم وأقواها بالله ربها وبمحمد رسولها وبالقرآن كتابها وبهذا المنهج الصحيح الذي شرحه فضيلة الشيخ الآن وبينه وهو المنهج الذي ندين الله به ونرتضيه في كل زمان ومكان.
ولا شك أن كيد أعداء المسلمين لهذه الأمة من داخلها ومن خارجها عصيب وكثير، ولا شك أنهم يسعون للتحريش بين المسلمين وهذا شأن ابليس أيس أن يعبده المصلون ولكن بالتحريش بينهم فهو يسعى لذلك.
ولكن عرف أهل هذا المكان بالسعي لجمع الكلمة وتأليف القلوب وإكرام المسلمين، وقد قلت ذلك في أبيات سبقت في أيام الفتنة التي حصلت بين بعض الناس في موريتانيا والسينكال، فذكرت فيها هنا وأنشدتها بين يدي الشيخ الحاج عبد الله رحمة الله عليه.
فأهل هذه المدينة عرفوو بالسعي لرأب الصدع وجمع القلوب وتأليفها، ولا يبالون من يزورهم فما سمعناه الآن من الترحيب والتكريم نعلم أنه ليس يخص بنا، بل كل زائر يواجه هذا الإكرام أين كان بلده، وأيا كانت بشرته، وأيا كان لسانه، فهذا إكرام أهل هذا البلد الذي ربوا عليه وتربوا، وهو ديدنهم ودأبهم.
ولذلك لا شك أن هذا يحقق الهدف المنشود من رضوان الله جل جلاله وتأليف القلوب وجمع الكلمة، فقد أرسل الله كل رسله بأصلين عظيمين: الأصل الاول منهما: إقامة الدين، والأصل الثاني: توحيد الكلمة.. قال الله تعالى: (شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه).
فهذان اصلان: أن اقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه.
إن زيارة هذا البلد دائما هي أمنية لنا وفي كل الأوقات ونسعى للوصول إليه.. وقد سألني فضيلة الشيخ عن التعب في المسافة فذكرت له قول الشاعر:
لا شر بعده لقاؤكم بشر.
وأنا أتذكر أيضا قول الشاعر:
إذا بلغتني وحملت رحلي = = عرابة فاشرقي بدم الوتين
رأيت عرابة الأوسي يسمو = = إلى الخيرات منقطع القرين.
ولا نملك لأهل هذا البلد إلا الدعاء فسأدعو وليؤمن الحاضرون..
اللهم صل على سيدنا محمد الفاتح لما أغلق والخاتم لما سبق ناصر الحق بالحق والهادي إلى صراطك المستقيم وعلى آله حق قدره ومقداره العظيم.
اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظم سلطانك.
... إلى آخره

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق